أخرج البخاري من حديث أبي هريرة:"ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(١)، فأيما مؤمن مات وترك مالًا .. فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا .. فليأتني فأنا مولاه".
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه في حديث آخر:"من ترك مالًا .. فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضياعًا .. فإلي وعلي، وأنا أولى بالمؤمنين".
قال الشوكاني: وفي معنى ذلك عدة أحاديث ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالها بعد أن كان يمتنع من الصلاة على المديون، فلما فتح الله عليه البلاد وكثرت الأموال .. صلى على من مات مديونًا وقضى عنه، وذلك مشعر أن من مات مديونًا .. استحق أن يقضى عنه دينه من بيت مال المسلمين، وهو أحد المصارف الثمانية، فلا يسقط حقه بالموت، ودعوى من ادعى اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك .. ساقطة، وقياس الدلالة ينفي هذه الدعوى في مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"وأنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه" أخرجه أحمد وابن ماجه وسعيد بن منصور والبيهقي، وهم لا يقولون: إن ميراث من لا وارث له مختص برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرج الطبراني من حديث سليمان ما يدل على انتفاء هذه الخصوصية المدعاة، ولفظه:"من ترك مالًا .. فلورثته، ومن ترك دينًا .. فعلي، والولاة من بعدي من بيت المال". انتهى من "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما