إنكم مطل)، وكذب اليهودي؛ فإنه لم يكن في أجداده صلى الله عليه وسلم ولا في أعمامه من هو كذلك، بل هم أهل الكرم والوفاء، ويبعد أن يكون هذا القائل مسلمًا؛ إذ مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إذاية له، وإذايته كفر، كذا في "شرح الأبي على مسلم".
(فهم) أي: قصد (صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم به) أي: بذلك الرجل؛ أي: قصدوا أن يأخذوه؛ ليزجروه ويؤذوه بقول أو فعل، لكن لم يفعلوا تأدبًا معه صلى الله عليه وسلم، قاله علي القاري في "المرقاة".
(فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم) مخاطبًا لأحدهم مريدًا به كلهم: (مه) أي: اكففوا عنه ولا تتعرضوا له بسوء في قول ولا في فعل.
وفي رواية البخاري:(دعوه) أي: اتركوه ولا تعزروه على ما قال، ولم ترد هذ؛ اللفظة ولا لفظة ابن ماجه في رواية مسلم، ولكنها في رواية البخاري واردة رقم (٢٣٠٦).
وفي هذه اللفظة منه صلى الله عليه وسلم دليل على حسن خلقه وحلمه وقوة صبره على الجفاء مع القدرة على الانتقام.
(إن صاحب الدين) والحق (له سلطان) وسيطرة في الكلام (على صاحبه) وغريمه؛ يعني: المدين (حتى يقضيه) ويؤديه دينه؛ أي: له صولة الطلب وقوة الحجة، لكن على من يمطل أو يسيء المعاملة.
وأما من أنصف من نفسه، فبذل ما عنده، واعتذر عما ليس عنده، فيقبل عذره ولا تجوز الاستطالة عليه واستقباله بالكلام الفاحش؛ يعني: أن الدائن معذور في بعض التغليظ عند طلب الحق.