وجملة قال جواب لما؛ أي: لما سمع إكثار الناس الكلام في رواية النهي عن المخابرة .. قال تعجبًا من إكثارهم رواية ما لا يعلمون:(سبحان الله! ) أي: تنزيهًا لله عن كل ما لا يليق به (إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) هذه الكلمة فيها تحريف من النساخ والصواب: (لأن) منحها - بتقديم لام الألف على الهمزة - والرواية:(منحها أحدكم أخاه)، وعلى تقدير ما صوبناه فإن اللام لام الابتداء، وجملة أن المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء، وخبره محذوف؛ كما تدل عليه الرواية الآتية؛ والتقدير: لأن يمنح ويعطي أحدكم أرضه الفارغة الفاضلة أخاه المسلم؛ لينتفع بها؛ أي: لثواب منيحته له .. خير له من أن يؤجرها ويأخذ عليها أجرةً معجلةً معينة (ولم ينه) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن كرائها) ومخابرتها ببعض ما يخرج منها.
وليس الإخبار عن خيرية منيحتها نهيًا عن كرائها، فكيف يقولون: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كرائها ببعض ما يخرج منها؟ ! ولفظ "مسلم" مع شرحه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يمنح) ويعطي (أحدكم أخاه) المسلم (أرضه) أي: مزرعته منيحةً له عارية؛ أي: لمنيحة أحدكم أرضه ومزرعته لأخيه منحةً له عارية .. (خير له) أي: أكثر أجرأ له (من أن يأخذ عليها) منه (خرجًا معلومًا) أي: أجرة معينة معلومة، فالرسول صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن خيرية المنيحة على المزارعة بالثلث أو الربع ولم ينه عن المزارعة، فلذلك زارعت على أرض وخابرت عليها. انتهى.