لينتفع بها من غير مقابلة .. (خير له) أي: لأحدكم (من أن يأخذ عليها) أي: على أرضه (أجرًا معلومًا) أي: أجرة معلومة معينة؛ كالثلث مما يخرج والربع منه؛ فالإخبار عن خيرية المنيحة على المخابرة لا يقتضي النهي عنها.
قوله: "لأن يمنح أحدكم" فاللام فيه لام الابتداء، وجملة أن المصدرية مع مدخولها في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء، خبره قوله: "خير" والتقدير: لمنيحة أحدكم أخاه المسلم أرضه الفارغة الفاضلة .. خير له؛ أي: أكثر له عند الله من أخذه عليها أجرًا وعوضًا معلومًا؛ لأن ما عند الله تعالى - وإن قلَّ - خير من الدنيا وما عليها.
فالحاصل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن خيرية المنيحة على المزارعة والمخابرة بالثلث والربع، ولم ينه عنهما، فلذلك زارعت على أرضي وخابرت عليها، والله أعلم.
وسند هذا الحديث من خماسياته؛ لأنه روى عمرو عن طاووس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحرث والمزارعة، وفي مواضع أخر، ومسلم في كتاب البيوع، باب كراء الأرض، وأبو داوود في البيوع والإجارات، والترمذي في كتاب الأحكام، باب المزارعة، والنسائي في المزارعة، باب النهي عن كراء الأرض، وأحمد في "مسنده".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.