(خاصم الزبير) بن العوام؛ أي: رافعه للخصومة (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة) أي: في سواقيها وجداولها (التي يسقون بها النخل) من ماء السيل والشراج - بكسر الشين المعجمة آخره جيم - جمع شرج - بفتح أوله وسكون الراء - بوزن بحر وبحار، ويجمع أيضًا على شروج.
وإنما أضيفت إلى الحرة؛ لكونها فيها، والحرة - بفتح الحاء والراء المشددة المهملتين -: موضع معروف بالمدينة المنورة ذو حجارة سود؛ والمراد بها هنا: مسايل الماء من المطر؛ وذلك لأن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري، فيحبسه الزبير في نخله لإكمالِ سَقْيِ أرضِه، ثم يُرسله إلى أرض جاره (فقال الأنصاري) للزبير ملتمسًا منه تعجيلَ ذلك: (سَرِّح الماءَ) وأَرسِلْه - بفتح السين وكسر الراء المشددة وبالحاء المهملة - أي: أَطْلِق الماءَ حالةَ كونه (يَمُر) عليك، ولا تَحْبِسْه في أرضِك (فأبى عليه) مِن أَبَى يَأْبَى إباءً؛ من باب سعى؛ كما بسطنا الكلام عليه في "مناهل الرجال" أي: امتنع الزبير مما طلبه من إرسال الماء إليه (فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: ترافعا إليه؛ ليفصل الخصومة بينهما (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) للزبير: (أسق يا زبير) نخلك - بهمزة مفتوحة - لأنه من أسقى الرباعي الذي هو من مزيد الثلاثي، وثُلَاثِيه سَقَى يَسْقِي؛ من باب رمى.
وقال العيني: بكسر الهمزة؛ لأنه أمر من سقى يسقي؛ من باب ضرب.
والمعنى: أسق شيئًا يسيرًا دون حقك (ثم أرسل الماء إلى جارك) الأنصاري