قال في "شرح السنة": قوله صلى الله عليه وسلم في الأول: "أسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك" كان الأول منه أمرًا منه للزبير بالمعروف، وأخذًا بالمسامحة وحسن الجوار؛ لترك بعض حقه دون أن يكون حكمًا منه عليه، فلما رأى الأنصاري يجهل موضع حقه .. أمر صلى الله عليه وسلم الزبير باستيفاء تمام حقه؛ فإنه أصلح له، وفي الزجر أبلغ.
وقول الأنصاري ما قال وقع منه في شدة الغضب بلا اختيار منه إن كان مسلمًا، ويحتمل أنه كان منافقًا، وقيل له: أنصاري؛ لاتحاد القبيلة، وقد جاء في "النسائي" أنه حضر بدرًا. انتهى.
(قال) عبد الله بن الزبير: (فقال) لنا والدي (الزبير) بن العوام رضي الله تعالى عنه: (والله) أي: أقسمت بالله الذي لا إله غيره؛ (إني لأحسب) وأظن (هذه الآية) المذكورة هنا (نزلت في ذلك) الخصام الذي وقع بيني وبين الأنصاري؛ يعني بها: قوله تعالى: ({فَلَا وَرَبِّكَ}) أي: فوربك، (فلا) مزيدة؛ لتأكيد القسم لا لِتُظَاهِرَ (لا) في قوله: ({لَا يُؤْمِنُونَ}) لأنها تزاد أيضًا في الإثبات؛ كقوله تعالى:{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ}(١)({حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}) أي: فيما اختلف واختلط، ومنه الشجر؛ لتداخل أغصانه ({ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا}) أي: ضيقًا ({مِمَّا قَضَيْتَ}) أي: من قضائك بينهم؛ أي: لا تضيق صدورهم من حكمك، وقيل: شكًّا من أجله؛ فإن الشاك في ضيق من أمره حتى يلوح له اليقين ({وَيُسَلِّمُوا}) أي: ينقادوا ويذعنوا لما تأتي به