وقوله:(والتارك لدينه) يعني به: المرتد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه .. فاقتلوه" رواه أحمد (١/ ٢٨٢)، والبخاري (٦٩٢٢).
وهذا الحديث يدل على أن المرتد الذي يقتل هو الذي يبدل بدين الإسلام دين الكفر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم استثناه من قوله:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" ثم ذكرهم، وذكر منهم (التارك لدينه)، وقد تقدم الكلام في الردة.
وقوله:"المفارق للجماعة" ظاهره أنه أتى به نعتًا جاريًا على التارك لدينه؛ لأنه إذا ارتد عن دين الإسلام .. فقد خرج عن جماعتهم، غير أنه يلحق بهم في هذا الوصف كل من خرج عن جماعة المسلمين وإن لم يكن مرتدًا؛ كالخوارج، وأهل البدع إذا منعوا أنفسهم من إقامة الحد عليهم وقاتلوا عليه، وأهل البغي، والمحاربون، ومن أشبههم، ويتناولهم لفظ:(المفارق للجماعة) بحكم العموم، وإن لم يكن كذلك .. لم يصح؛ لحصر المذكور في أول الحديث؛ حيث قال:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" فلو كان المفارق للجماعة إنما يُعنى به المفارقة بالردة فقط .. لبقي من ذكرناه من المفارقين للجماعة بغير الردة لم يدخلوا في الحديث ودماؤهم حلال بالاتفاق، وحينئذ لا يصح الحصر ولا يصدق، وكلام الشارع منزه عن ذلك، فدل على أن ذلك الوصف يعم جميع ذلك النوع، والله سبحانه أعلم.
وتحقيقه: أن كل من فارق الجماعة .. يصدق عليه أنه بدل دينه، غير أن المرتد بدل كل الدين، وغيره من المفارقين بَدَّلَ بَعْضَه. انتهى من "المفهم".