للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟ ! "، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ

===

لأسامة: (أتشفع) إلي يا أسامة (في) إسقاط (حد من حدود الله) تعالى؟ ! والاستفهام للإنكار على أسامة، يفهم منه تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام، فيحرم على الشافع وعلى المشفع قبولها، وهذا مما لا يختلف فيه، واستدل به العلماء على أن الشفاعة في الحدود غير جائزة، وقيده أكثرهم بما إذا رفعت القضية إلى الإمام.

فأما قبل رفعها إلى السلطان .. فلا بأس بالشفاعة فيها، واستدلوا على ذلك بمرسل لحبيب بن أبي ثابت، وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأسامة: "لا تشفع في حد؛ فإن الحدود إذا انتهت إلي .. فليس لها مَتْرَك"، ذكره الحافظ في "الفتح" (١٢/ ٨٧)، وله شاهد عند أبي داوود والحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه بلفظ: "تعافوا الحدود فيما بينكم؛ في بلغني من حد .. فقد وجب".

وذكر الخطابي وغيره عن مالك أنه فرق بين من عُرِفَ بأذى الناس ومن لَمْ يُعرف منه ذلك، فقال: لا يشفع للأول مطلقًا، سواء بلغ الإمام أو لا، وأما من لَمْ يعرف بذلك .. فلا بأس أن يشفع له ما لَمْ يبلغ الإمام.

وأما الشفاعة فيما ليس فيه حد، وليس فيه حق لآدمي، وإنما فيه التعزير .. فجائزة عند العلماء بلغ الإمام أم لا. انتهى من "المفهم".

وفي رواية مسلم زيادة: (فقال له) أي: لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أسامة) بن زيد: (استغفر لي يا رسول الله) ذنب تشفعي فيما لا علم لي به (ثم) لما جاء العشي؛ أي: آخر النهار (قام) رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر (فاختطب) أي: خطب الناس ووعظهم، والتاء فيه لمبالغة معنى الثلاثي، بعدما أثنى على الله تعالى بما هو أهله؛ أي: لائق به تعالى من الكمالات.

<<  <  ج: ص:  >  >>