للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَا فِيمَنْ رَجَمَهُمَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ يَسْتُرُهَا مِنَ الْحِجَارَةِ.

===

قوله: (قد زنيا) صفة لليهوديين؛ أي: أمر الناس برجمهما.

قال ابن عمر: (أنا فيمن رجمهما) أي: اليهوديين؛ أي: كنت في جملة من رجمهما يومئذ (فـ) والله (لقد رأيته) أي: رأيت الرجل (و) الحال (إنه) أي: الرجل الزاني (يسترها) أي: يستر المرأة المزنية ويَقِيهَا (من الحجارة) التي تُرْمَى إليهما من جميع الجهات؛ لكمال مودته لها، وهذا يشعر أيضًا بعدم الحفر في الرجم؛ إذ لو كان محفورًا .. لما كان متمكنًا من ذلك؛ أي: من وقايتها من الحجارة.

قوله: (أنه صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين) أي: بعد إقرارهما، وبه قد تمسك من لَمْ يشترط الإسلام في الإحصان.

وأجاب من اشترطه فيه بأن رجم اليهوديين إنما كان بحكم التوراة، وليس هو من حكم الإسلام في شيء، وإنما هو من باب تنفيذ الحكم عليهم بما في كتابهم، وأن في التوراة الرجم على الزاني المحصن وغير المحصن، ذكره في "الفتح".

وظاهر الحديث رجم الكفرة، ومن لا يقول به .. يعتذر بأن حكمه صلى الله عليه وسلم عليهم كان بالتوراة.

قلت: فيجب علينا اتباعه صلى الله عليه وسلم في الحكم عليهم بالتوراة بالرجم، على أن هذا مستبعد، بل ظاهر قوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ} (١) .. {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ... } الآية (٢) يقتضي أنه يجب عليه الحكم بينهم بشريعته صلى الله عليه وسلم، وأما أمرهم بإحضار


(١) سورة المائدة: (٤٢).
(٢) سورة المائدة: (٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>