تحبس دائمًا؛ إذ كلّ ذلك إضاعة مال، ولو سيبت .. لكان ذلك إغراءً لها على الزنا وتمكينًا لها منه، فلم يبق إلَّا بيعها، ولعل السيد الثاني يعفها بالوطء، أو يبالغ في التحرز بها، فيمنعها من ذلك.
وعلى الجملة: فعند تبدل الأملاك تختلف عليها الأحوال، وجمهور العلماء حملوا الأمر ببيع الأمة الزانية على الندب والإرشاد للأصلح، ما خلا داوود ومن وافقه من أهل الظاهر؛ فإنهم حملوه على الوجوب؛ تمسكًا بظاهر الأمر.
والجمهور صرفوه عن ظاهره؛ تمسكًا بالأصل الشرعي؛ وهو أنه لا يجبر أحد على إخراج ملكه لملك آخر بغير الشفعة؛ فلو وجب عليه ذلك .. لأُجْبِر عليه، ولم يجبر عليه أحد، فلا يجب.
وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث جواز البيع بالغبن، قال: لأنه بيع خطير بثمن يسير، وهذا ليس بصحيح؛ لأن الغبن المختلف فيه إنما هو مع الجهالة من المغبون، وأما مع علم البائع بقدر ما باع وبقدر ما قبض .. فلا يختلف فيه؛ لأنه من علم منه ورضا، فهو إسقاط لبعض الثمن وإرفاق بالمشتري، لا سيما وقد بينا أن الحديث خرج على جهة التزهيد وترك الغبطة. انتهى من "المفهم".