وفيه أنَّ العفو جائز قبل أن يُرفع إلى الحاكم، كذا ذكره الطيبي، وتبعه ابن الملك، وقال ابن الهمام: إذا قضى على رجل بالقطع في سرقة، فوهبها له المالكُ وسلَّمها إليه أو باعها منه .. لا يُقْطَع.
وقال زُفَرُ والشافعي وأحمد: يقطع؛ وهو رواية عن أبي يوسف؛ لأن السرقة قد تَمَّت انعقادًا بفعلها بلا شبهة وظهورًا عند الحاكم، وقضى عليه بالقطع، ويؤيده حديث صفوان. انتهى.
قال الشوكاني: وقد استدل بحديث صفوان هذا من قال بعدم اشتراط الحرز، ويرد بأن المسجد حرز لِمَا دَاخلَه من آلتِه وغيرِها ولا سيما بعد أن جعل صفوان رداءه تحت رأسه.
وأما جعل المسجد حرزًا فقط .. فخلاف الظاهر، ولو سلم ذلك .. كان غايته تخصيص الحرز بمثل المسجد ونحوه، مما يستوي الناس فيه؛ لما في ترك القطع في ذلك من المفسدة، قال: وأما التمسك بعموم آية السرقة؛ أي: على عدم اشتراط الحرز .. فلا ينهض للاستدلال به؛ لأنه عموم مخصوص بالأحاديث القاضية باعتبار الحرز. انتهى، انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الحدود، باب من سرق من حرز، والنسائي في كتاب قطع يد السارق، باب الرجل يتجاوز للسارق عن سرقته بعد أن يأتي به الإمام، ومالك في "الموطأ" في كتاب الحدود، باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.