الحكام في التعزير، وبالبناء للمفعول وبالنفي؛ أي: لا يجلد أحد ممن فعل المعاصي التي لا توجب الحد، وبضم الدال على أنه صيغة نفي.
ويؤيد الأول ما أخرجه البخاري من طريق يحيى بن سليمان بلفظ:(لا تجلدوا)، والثاني رواية ابن ماجه؛ أي:(لا يُجْلَد أحدٌ) ممن فعل المعاصي التي لا توجب الحد (فوق عشر جلدات) أي: مرات (إلا في حد من حدود الله) تعالى.
قال السندي: قوله: "إلا في حد من حدود الله" المتبادر منه الحدود المقدرة؛ كحد الزنا والقذف.
وقيل المراد: القذف الفاحش الذي يشبه أن يكون فيه حد وإن لم يشرع، وهذا تأويل بعيد لا يساعده لفظ الحديث.
وعلى الأول؛ وهو الوجه لا يزاد فيما لا حد فيه على عشرة، وبه قال أحمد في رواية، والجمهور على أنه منسوخ لعمل الصحابة بخلافه، أو مخصوص بوقته صلى الله عليه وسلم، وكلاهما دعوى بلا حجة، ولعل من عمل من الصحابة بخلافه .. كان عمله به؛ لعدم بلوغ الحديث إليه.
وعلى الثاني؛ صغار الذنوب لا يزاد فيها على العشرة، وأما ما فحش من ذنب وقبح مما لم يرد فيه حد .. فله الزيادة على العشرة على حسب ما يراه بالاجتهاد، ولحديث صحيح أخرجه مسلم وغيره. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحدود، في باب كم التعزير والأدب، ومسلم في كتاب الحدود، باب قدر أسواط التعزير، وأبو داوود في كتاب الحدود، باب رقم (٤٤٩)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء في التعزير.