للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

باطلًا تُعارِضُه بكلامِك المسجَّعِ، فلا تُنكِرهُ أيُّها الشاعر.

قال ابن بطال: في هذا الكلام الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لحمل ابن النابعة ذم الكفار، وذم من تشبه بهم في ألفاظهم، وقد تمسك به من كره السجع في الكلام، ولكن ليس على إطلاقه، بل المكروه منه ما يقع مع التكلف في معرض مدافعة الحق، وأما ما يقع اتفاقًا بلا تكلف في الأمور المباحة؛ كالخطب والمواعظ وبدء المؤلفات وختمها وإنشاء الرسائل .. فجائز، وعلى ذلك يحمل ما ورد منه صلى الله عليه وسلم في خطبه ومواعظه، كذا في "فتح الباري" في كتاب الطب (١٠/ ٢١٨).

قال النووي: قال العلماء: إنما ذم صلى الله عليه وسلم سجعه لوجهين؛ أحدهما: أنه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله، والثاني: أنه تكلفه في مخاطبته، وهذان الوجهان من السجع مذمومان.

وأما السجع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله في بعض الأوقات، وهو مشهور في الحديث .. فليس من هذا النوع؛ لأنه لا يعارض حكم الشرع ولا يتكلفه، فلا نهي فيه، بل هو حسن، ويؤيد ما ذكرنا من التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات: "كسجع الأعراب" فأشار إلى أن بعض السجع هو المذموم. انتهى منه.

يعني بذلك: أنه تشبه بالكهان، فسجع كما يسجعون حين يخبرون عن المغيبات؛ كما قد ذكر ابن إسحاق من سجع شق وسطيح؛ هما كاهنان من كهان العرب وغيرهما، وهي عادة مستمرة في الكهان.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطب، باب الكهانة، ومسلم في كتاب القسامة، باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل

<<  <  ج: ص:  >  >>