وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (جاء رجل) لم أر من ذكر اسم هذا الرجل (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال) الرجل: (يا رسول الله، نبئني) أي: أخبرني، جواب (ما حق الناس) أي: جواب هذا الاستفهام؛ فـ (ما) اسم استفهام؛ بمعنى: من (حق الناس) مصدر بمعنى اسم التفضيل، وفي رواية مسلم:(من أحق الناس) وهي أوضح والجار والمجرور في قوله: (مني) متعلق بمحذوف صفة للصحبة في قوله: (بحسن الصحبة) والباء متعلقة بأحق، والإضافة في قوله:(بحسن الصحبة) من إضافة الصفة إلى الموصوف، و (ما) مبتدأ (أحق) خبره، أو بالعكس؛ وقُدِّم عليه حينئذ؛ للزومه الصدارة؛ والمعنى: نَبِّئْنِي جوابَ استفهامِ مَنْ أحق الناس بالصحبة والمعاشرة الواقعة مني؛ أي: مَنْ أولاهم وأَحْرَاهم وأحقُّهم بها، وفي رواية مسلم:(بحسن صحابتي) والصحابة: مصدر بمعنى الصحبة، يقال: صحبه يصحبه صحبةً وصحابة؛ من باب سلم، والمراد بالصحبة هنا: البر وحسن العشرة.
ونبأ من الأفعال التي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، الأول منها: ياء المتكلم، وجملة الاستفهام سادة مسد المفعول الثاني والثالث.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل في جواب استفهامه: (نعم) حرفُ جواب للتصديق؛ كما أن بلي حرف جواب للنفي قائمٌ مقامَ الجواب، أي: أُنَبِّئكَ عما سألتني (وأبيك) أي: أقسمت لك بأبيك، لعله قال ذلك قبل النهي عن الحلف بالآباء، أو هو خرج مخرج العادة بلا قصد الحلف.