رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الثلث) تصدق به (والثلث كثير) بالمثلثة، ويروى بالموحدة، وكلاهما صحيح.
قوله: "الثلث" ذكر النووي عن القاضي جواز نصب الثلث ورفعه، أما النصب .. فعلى الإغراء أو على تقدير فعل؛ أي: أعط الثلث، وأما الرفع .. فعلى أنه فاعل فعل محذوف؛ أي: يكفيك الثلث، أو على أنه مبتدأ حذف خبره، أو عكسه؛ يعني: الثلث كافٍ مثلًا، وأما الثلث الثاني .. فمرفوع على كونه مبتدأ، وخبره:(كثير).
ثم يحتمل أن يكون المراد بقوله: "الثلث كثير" أن الثلث أقصى ما يجوز، ولكن يستحب أن ينقص منه، ويحتمل أن يكون لبيان أن التصدق بالثلث هو الأكمل؛ أي: كثير أجره، ويحتمل أن يكون معناه: أنه كثير غير قليل، وعلى الأول عول ابن عباس؛ كما عند مسلم، ورجح الشافعي الاحتمال الثالث؛ كما في "فتح الباري" (٥/ ٢٧٢)، والظاهر أن الاحتمال الثاني أبعد الثلاثة.
قوله:(أن تذر) ورثتك في رواية مسلم زيادة: (إنك) بكسر الهمزة على الاستئناف (أن تذر) وتترك - بفتح الهمزة في أن على أنها مصدرية - والجملة الفعلية صلتها في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء.
وقوله:(ورثتك أغنياء) مفعولان لتذر، والخبر قوله:(خير) والتقدير: على رواية المؤلف: تركك ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالةً، والجملة الاسمية مستأنفة، والجملة الاسمية على رواية مسلم في محل الرفع خبر إن؛ والتقدير: إنك تركك ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم فقراء، وجملة إن مستأنفة؛ أي: إنك تركك بنتك وأولاد أخيك عتبة بن أبي وقاص - منهم هاشم بن عتبة الصحابي - مستغنين عن الناس .. خير (من أن تذرهم) وتتركهم