للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَمْ تَكُنْ لَكَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ جَعَلْتُ لَكَ نَصِيبًا مِنْ مَالِكَ، حِينَ أَخَذْتُ بِكَظَمِكَ لِأُطَهِّرَكَ بِهِ وَأُزَكِّيَكَ، وَصَلَاةُ عِبَادِي عَلَيْكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِكَ".

===

بالنكرة وصفه بقوله: (لم تكن لكَ واحدةٌ منهما) وخبر المبتدأ محذوف؛ تقديره: خصلتان عادمتان كونهما عملًا لك، أعطيتهما لك تفضلًا مني عليك.

أحدهما: أني (جعلت لك نصيبًا) أي: جزءًا (من مالك حين أخذت) من جسمك (بكظمك) أي: بقوتك وصحتك وأساس حياتك؛ أي: أحدهما: أني جعلت لك أن تتصرف في جزء مالك بما شئت من التبرعات؛ وذلك النصيب هو ثلث ماله؛ أي: أذنت لك في التصرف فيه بما شئت حين أخذت وأزلت عنك بكظمك وأسباب حياتك؛ وهي صحة الجسم (لأطهرك) من الذنوب والمَعَاصِي (به) أي: بذلك النصيب؛ أي: بثواب تبرعك بذلك النصيب (و) لـ (أزكيك) أي: ولأزيد لك في أجور أعمالك الصالحة به؛ أي: بذلك النصيب؛ أي: بسبب تبرعك بذلك النصيب الذي أذنت لك في التصرف فيه.

قال السندي: قوله: (لم تكن لك واحدة منهما) أي: لا تستحقها إلا برحمته تعالى؛ إذ المال للحياة، فإذا جاء الموت .. ينبغي أن ينتقل كله إلى غيره من الوارث، لكنه تعالى أبقى له التصرف في الثلث.

(و) ثاني الخصلتين: (صلاة عبادي عليك) يعني: صلاة الجنازة (بعد انقضاء) وانتهاء (أجلك) ومدتك التي أجلها الله في دار الدنيا بخروج روحك، والظرف متعلق بالصلاة؛ لأنه اسم مصدر بمعنى وأنْ يُصلِّي عبادي عليك، فصلاة المصلين على الجنازة لهم لا للميتِ؛ لأنها عملهم، فالظاهر ألا ينتفع بها الميت؛ كما قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (١)، لكنه تعالى بمنه وكرمه جعلها نافعة للميت؛ كأنها بمنزلة ما سعى.


(١) سورة النجم: (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>