ويقال: افتلت الكلام؛ إذا ارتجله واقترحه واقتضبه بلا ترو ولا فكر.
والمعنى: أن أمي ماتت فجأةً؛ أي: ماتت (و) الحال أنها (لم توص) شيئًا من التبرعات (وإني أظنها) أي: أظن أمي أنها (لو تكلمت) أي: لو قدرت على الكلام ... (لتصدقت) أي: لأوصت بتصدق شيء من مالها، أ (فلها أجر) بتقدير همزة الاستفهام الاستفتائي؛ أي: هل لها أجر وثواب (إن تصدقت عنها) الرواية الصحيحة بكسر همزة إن؛ على أنها شرطية، ولا يصح قول من فتحها؛ لأنه إنما سأل عما لم يفعله؛ أي: إن دفعت الصدقة بنية التصدق عنها .. هل لها أجر (ولي أجر) أيضًا؛ أي: أجر التصدق عنها؟
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله: (نعم) أي: لك ولها أجر التصدق؛ أي: لها أجر الصدقة، ولك أجر التصدق عنها.
وفيه دليل على جواز التصدق عن الميت، وأن ذلك ينفعه بوصول ثواب الصدقة إليه، ولا سيما إن كان من الولد؛ لما فيه من أجر الصلة والبر للوالدين.
قال القرطبي: ولم يختلف بين العلماء في مقتضى هذا الحديث؛ وهو أن الصدقة بالمال نافعة للميت.
واختلف في عمل الأبدان هل ينفع الميت إذا فعل عنه؛ كالصوم والصلاة والتلاوة والذكر؟
فمن حمله على المال وقاسه عليه .. قال: ينفعه، ومن لم يحمله عليه وأخذ بقوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}(١) .. قال: لا ينفعه غير المال إلا صلاة الجنازة؛ لأنها منصوص عليها.