واعلم: أن علم الفرائض من أهم العلوم الدينية، ومن أعظم أسباب المعيشة والمعاشرة الإنسانية، ولذلك اهتمت به الشريعة الإسلامية اهتمامًا قلما يوجد في أبواب أخرى، ولذلك ترى القرآن الكريم يكتفي في أكثر أبواب الأحكام بِبَيَانِ أصولٍ كليةٍ، دون التعرض للجزئيات والتفاصيل؛ إذ نشاهده في باب الفرائض يهتم ببيان جزئياته وتفاصيله الدقيقة، ويصرح بذكر السهام لكل واحد من الأقرباء في بسط واستقصاء.
وكذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعلم الفرائض وتعليمها، مستقلةً عن الأبواب الأخرى؛ فقد أخرج النسائي والترمذي وأحمد والحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تعلموا الفرائض وعلموها الناس؛ فإني امرؤ مقبوض".
والفرائض: جمع فريضة؛ كحدائق وحديقة؛ بمعنى مفروضة لا فارضة، فهي فعيلة بمعنى مفعولة، لا بمعنى فاعلة؛ مأخوذ من الفرض؛ بمعنى التقدير؛ لأن الفرض لغةً: التقدير، قال تعالى:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}(١)؛ أي: قدرتم، ويقال: فرض القَاضِي النفقةَ؛ أي: قدرها، ويطلق الفرض على: القطع، يقال: فرض العود؛ بمعنى قطعه.
وشرعًا: اسم لنصيب مقدر لمستحقه؛ كالنصف والربع والثمن.
وخرج بـ (المقدر) التعصيب؛ فإنه ليس بمقدر، بل يأخذ العاصب جميع