مصدر ميمي مؤكد لعامله، ومن زائدة أو ظرف مكان متعلق بسرتم، ومن زائدة أيضًا، أي: ما قطعتم سير مسافة من المسافات (ولا قطعتم) أي: ولا جاوزتم (واديًا) من الأودية التي بين المدينة وتبوك.
وقوله:(إلا كانوا معكم) استثناء من أعم الأحوال أو الأزمان؛ أي: ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا في حال من الأحوال؛ أي: في حال تعبكم وفي حال راحتكم، أو في زمن من الأزمان في ليل أو نهار .. إلا كان أولئك القوم الذين في المدينة معكم أيها المرافقون معي (فيه) أي: في ذلك المسير والقطع؛ أي: إلا كانوا مشاركين معكم في ثواب ذلك المسير والقطع من أجل حسن نيتهم، وفيه أن من نوى طاعةً وحبسه عذر .. فإنه يثاب على نيته.
قال الأبي: المعية والشركة يدلان على أن لهم مطلق أجر لا على المساواة معهم، وانظر العكس؛ لو خرج محاربون للإسلام، وتخلف بعضهم؛ كمشركي مكة يوم أحد مثلًا لمانعٍ، وتأسف على عدم الخروج، هل يأثم بنيته وما طاب قلبه، أو يقال: البابان مختلفان؛ لأنه ثبت التضعيف بالحسنات دون السيئات؟ ويشهد لعدم المؤاخذة حديث: "إذا هم عبدي بسيئة .. فلا تكتبوها". انتهى.
(قالوا) أي: قال الحاضرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله) هل كانوا معنا (وهم) أي: والحال أنهم جالسون (بالمدينة؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: يكونون معكم (وهم) أي: والحال أنهم جالسون (بالمدينة)، وإنما كانوا معكم في الأجر؛ لأنه (حبسهم) ومنعهم (العذر) من الخروج معكم؛ أي: حبسهم المرض؛ كما صرح به في رواية مسلم.