في رواية مسلم، أو لتأكيد معنى الاستفتاح المفهوم من ألا؛ أي: إن القوة التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بالاستعداد بها للكفار هي (الرمي) بالسهام والرماح؛ أي: تَعلَّمُ الرميِ بالسهام والرمي بالرماح، وكرره (ثلاث مرات) أي: كرر قوله: "ألا إن القوة الرمي" ثلاث مرات؛ مبالغة في التأكيد، وإلا .. فالتأكيد يحصل بمرة ثانية.
قال القرطبي: القوة: التقوي بما يحتاج إليه؛ من الدروع والمجان والسيوف والرماح والسهام وسائر آلات الحرب، إلَّا أنه لما كان الرمي أنكاها في العدو وأنفعها .. فسرها به، وخصصها بالذكر، وأكدها بذكرها ثلاثًا، ولم يرد أنه كلّ العدة، بل أنفعها، ووجه أنفعيتها: أن النكاية بالسهام تبلغ الأعداء من الشجاع وغيره، بخلاف السيف والرمح؛ فإنه لا تحصل النكاية بهما إلَّا من الشجعان الممارسين للكر والفر، وليس كلّ أحد كذلك، ثم إنها، أي: إن السهام أقلّ مؤنة، وأيسر محاولةً وإنكاءً، إلا تَرى أنه قَدْ يَرْمي رَأْسَ التيبة، فينهزمُ أصحابُه؟ ! إلى غير ذلك مما يحصل منه من الفوائد، والله تعالى أعلم. انتهى من "المفهم".
قال النووي: وفي هذا الحديث والأحاديث التي بعده فضيلة الرمي والمناضلة والاعتناء بذلك بنية الجهاد في سبيل الله تعالى، وكذلك المثاقفة وسائر أنواع استعمال السلاح، وكذلك المسابقة بالخيل وغيره، والمراد بهذا كله: التمرن على القتال، والتدرب والتحذق فيه، وفي رياضة الأعضاء بذلك. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الإمارة، في باب فضل الرمي والحث عليه وذم من تعلمه ثم نسيه، وأبو داوود في كتاب الجهاد، باب في الرمي، والترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن تفسير سورة الأنفال.