للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "لَا يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ طَعَامٌ ضَارَعْتَ فِيهِ نَصْرَانِيَّةً".

===

من المسكرات في مآكلهم ولا مشاربهم ولا في أوانيهم وقدورهم؛ لأنهم غالبًا يشربون في كاساتهم الخمور، ويطبخون في قدورهم لحوم الخنازير والميتة، فهل يجوز لي الأكل في أوانيهم والشرب في كاساتهم؟

(فقال) لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يختلجن) لا يدخلن ولا يتحركن (في صدرك) وقلبك (طعام) أي: شك في حلِّية طعام لهم؛ فإنَّه طعام نظيف مباح لك؛ لأنهم أهل كتاب؛ لأنك إن امتنعت من أكل طعامهم وتركته وتحرزت وتباعدت منه؛ لأجل ما تلجلج وتحرك في صدرك من الشك في طعامهم. . (ضارعت) - بفتح التاء للمخاطب - أي: شابهت (فيه) أي: في ترك طعامهم؛ أي: شابهت ملتك ملة (نصرانية) من حيث امتناعهم إذا وقع في قلب أحدهم أنَّه حرام ومكروه، وهذه الجملة الفعلية تعليل للنهي.

والمعنى: لا يتحرك في صدرك شك من طعامهم؛ فإنك إن فعلت ذلك. . ضارعت وشابهت فيه الملة النصرانية الرهبانية؛ فإنَّه من دأب النصارى وعادتهم وترهيبهم.

وقال الطيبي: هذه الجملة جواب شرط محذوف، والجملة الشرطية المحذوفة مع جوابها مستأنفة لبيان الموجب؛ والتقدير: أي: لا يدخلن في قلبك ضيق وشك من طعامهم؛ لأنك على الحنيفية السهلة السمحة؛ فإنك إذا شددت على نفسك بمثل هذا الامتناع. . شَابَهْتَ فيه النصرانيةَ الرهبانيةَ؛ فإن ذلك دأبهم وعادتهم، قال تعالى {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ. . .} الآية (١). انتهى من "تحفة الأحوذي".

وعبارة "العون": وهذه الجملة جواب لشرط محذوف؛ تقديره: إن


(١) سورة الحديد: (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>