وكذا يقال في المعصية، وهذا الحديث مقتبس من قوله تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}(١).
(ومن عصاني) وخالف بعدم قبول أمري. . (فقد عصى الله) عز وجل (ومن أطاع الإمام) والأمير. . (فقد أطاعني، ومن عصى الإمام. . فقد عصاني) لأن طاعة الإمام العادل نفس طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي: ووجهه أن أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو منفذ أمره، ولا يتصرف إلا بأمره، فمن أطاعه. . فقد أطاع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا؛ فكل من أطاع أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم. . فقد أطاع الرسول، ومن أطاع الرسول. . فقد أطاع الله، فينتج أن من أطاع أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم. . فقد أطاع الله، وهو حق صحيح، وليس هذا الأمر خاصًّا بمن باشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوليه الإمارة، بل هو عام في كل أمير للمسلمين عدل، ويلزم منه نقيض ذلك في المخالفة والمعصية. انتهى "مفهم".
وذكر الخطابي سبب اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بشأن الأمراء حتى قرن طاعتهم إلى طاعته؛ فقال: كانت قريش ومن يليهم من العرب لا يعرفون الإمارة ولا يدينون لغير رؤساء قبائلهم، فلما كان الإسلام، وولى عليهم الأمراء. . أنكرت ذلك نفوسهم، وامتنع بعضهم ن الطاعة، فأعلمهم صلى الله عليه وسلم أن طاعتهم مربوطة بطاعته، ومعصيتهم بمعصيته؛ حثًّا لهم على طاعة أمرائهم؛ لئلا تتفرق الكلمة. انتهى.