للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال القرطبي: وهذا خطاب منه صلى الله عليه وسلم للعرب بنحو ما يفعلون؛ لأنهم كانوا يرفعون؛ يعني: في احتفالات الأسواق للوفاء رايةً بيضاء، وللغدر رايةً سوداء؛ أي: له لواء؛ ليشتهر بصفته يوم القيامة فيذمه أهل الموقف، وأما الوفاء .. فلم يرد فيه شيء، ولا يبعد أن يقع كذلك، وقد ثبت لواء الحمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كذا في "فتح الباري" (٦/ ٢٨٤).

(فيقال) في عرصات القيامة: (هذه) الراية (غدرة) أي: خيانة (فلان) بن فلان - كما في رواية مسلم - لقومه أو لرعيته مثلًا؛ فالغادر: هو الذي يواعد على أمر ولا يفي به.

والمراد برفع اللواء للغادر: ركز العلامة بقدر غدرته؛ ليشتهر بها في الناس فيفتضح، وتأنيث اسم الإشارة باعتبار معنى العلامة، أو لكون اللواء بمعنى الراية؛ كما أشرنا إليه في الحل، أو مراعاةً لخبره؛ وهو غدرة. انتهى من بعض الهوامش.

قال النووي: وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير.

وقيل: لأنه غير مضطر إلى الغدر؛ لقدرته على الوفاء بما أراد مجاهرة؛ كما جاء في الحديث الصحيح في تعظيم كذب الملك، والمشهور أن هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر، وذكر القاضي عياض احتمالين، أحدهما: هذا، وهو نهي الإمام أن يغدر في عهده لرعيته وللكفار وغيرهم، أو غدره للأمانة التي قلدها لرعيته والتزم القيام بها والمحافظة عليها، ومتى خانهم أو ترك الشفقة عليهم، أو الرفق بهم .. فقد غدر بعهده.

والاحتمال الثاني: أن يكون المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام؛ فلا يشقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>