للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ .. فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَة، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْرَرْنَ

===

المهاجرة تمتحن بأن تستحلف أنَّها ما هاجرت بغضًا لزوج ولا لأدنى حظ من الدنيا، وإنما هاجرت حبًّا لله ولرسوله والدار الآخرة.

(قالت عائشة: فمن أقر) واعترف (بها) أي: بما تضمنته هذه الآية من الشروط وعاهد على قبوله (من المؤمنات .. فقد أقر) وقبل (بالمحنة) أي: فقد قبل بالاختبار وبايع البيعة الشرعية ونجح في الامتحان؛ وحاصله: أن من عرف منها الإيمان انتهت محنتها.

قال الحافظ: وأوضح من هذه ما أخرجه الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال: (كان امتحانهن أن يشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله)، وظاهره أن امتحانهن كان مجرد النطق بالشهادتين، وهذا يعارض بظاهره ما أخرجه الطبري والبزار وغيرهما عن ابن عباس قال: (كان يمتحنهن بالله؛ ما خرجت من بغض زوج، والله؛ ما خرجت رغبة من أرض إلى أرض، وبالله؛ ما خرجت التماس دنيا، وبالله؛ ما خرجت إلَّا حبًّا لله ورسوله)، ذكره ابن كثير في "تفسيره" (٤/ ٣٥٠)، والحافظ في طلاق الفتح (٩/ ٤٢٥)، وذكر في التفسير (٨/ ٦٣٧) أن عبد بن حميد أخرج عن مجاهد نحوه، وزاد: (وَلَا خرج بك عشق رجل منا، ولا فرار من زوجك)، ولكن الجمع بينهما سهل؛ لأن مقصود عائشة وابن عباس في رواية العوفي أن الامتحان كان لحصول الطمأنينة بصدقهن في الإسلام، والحلف بالأشياء الكثيرة إنما كان للتثبت في معرفة إيمانهن وصدقهن في الهجرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو ظهر من امرأة منهن أنَّها إنما خرجت لغرض دنيوي .. ظهر أنَّها ليست صادقة في هجرتها، والله أعلم.

قالت عائشة: (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن) وقبلن

<<  <  ج: ص:  >  >>