والآخرة .. (قال) الملك الموكل به: (آمين) له؛ أي: أجاب الله دعاءك له بما دعوته (ولك بمثله) أي: وجزاك الله على دعائك له بمثل ما دعوته له.
وقوله:(ولك بمثله) رواه أكثر الرواة بكسر الميم وسكون المثلثة، ورواه بعضهم بفتحها، ومعناهما واحد.
وفي الحديث فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب؛ أي: في الغيب المشبه بالظهر؛ بجامع الخفاء في كل؛ لأن الشخص لا يرى ما خلف ظهره، فهو من إضافة المشبه به إلى المشبه، هذا على أن الظهر غير مقحم، ولو دعا لجماعة معينة من المسلمين .. حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا لجملة المسلمين .. فالظاهر حصولها أيضًا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه دعوة .. دعا لأخيه المسلم أولًا بتلك الدعوة؛ لأنها تستجاب ويحصل له مثلها. انتهى "نووي".
وسند هذا الحديث من سداسياته؛ كما مر آنفًا، ولكنه أرسلته أم الدرداء، فأخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم مع أنها تابعية، ثم أسند صفوان بن عبد الله هذا الحديث، فـ (قال) صفوان بالسند السابق: (ثم خرجت) من عند أم الدرداء (إلى السوق) أي: إلى سوق دمشق (فلقيت أبا الدرداء) في السوق (فحدثني) أبو الدرداء (عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك) أي: بمثل ما حدثتني أم الدرداء أولًا مرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي:(قوله: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه ... ) إلى آخره، المسلم هنا: هو الذي سلم المسلمون من يده ولسانه الذي يُحِب للناس ما يحبه لنفسه؛ لأن هذا هو الذي يحمله حاله وشفقته على أخيه المسلم أَنْ يَدْعوَ له بظهر