للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَتَتْهُ امْرَأَة مِنْ خَثْعَمٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْكَبَ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ قَضَيْتِهِ".

===

منىً (فأتته) صلى الله عليه وسلم (امرأة من خثعم) قبيلة مشهورة باليمن؛ أي: جاءته لاستفتائه عن حكم من أحكام الحج (فقالت) المرأة في استفتائها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ إن فريضة الله) سبحانه (في الحج) أي: من الحج؛ فـ (في) بمعنى (من) البيانية، أي: إن فريضة الله التي فرضها (على عباده) المؤمنين (أدركلت) أي: لزمت (أبي) ووجبت عليه، فهو مفعول أدركت؛ أي: لزمته حالة كونه (شيخًا كبيرًا) فكبيرًا صفة أولى لشيخًا؛ أي: كبير السن.

وقوله: (لا يستطيع أن يركب) الراحلة ويثبت عليها صفة ثانية له، ويحتمل أن يكون حالًا أيضًا، ويكون من الأحوال المتداخلة؛ والمعنى: أنه وجب عليه الحج؛ بأن أسلم وهو بهذه الصفة (أفأحج عنه؟ ) والهمزة فيه للاستفهام الاستخباري داخلة على محذوف، والفاء عاطفة ما بعدها على ذلك المحذوف؛ والتقدير: أيجزئ النيابة في الحج فأحج عنه؟ أو: أيجوز لي أن أنوب عنه فأحج عنه؟ كما هو مذهب الزمخشري، خلافًا للجمهور؛ كما بسطنا الكلام على أمثال هذا في تفسيرنا "حدائق الروح والريحان" في مواضع كثيرة.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالها: (نعم) يجزئ عنه حجك، فحجي عنه، ثم علل هذا الجواب بقوله: (فإنه) أي: فإن الشأن والحال (لو كان) ووجب (على أبيك دين) لآدمي أفـ (قضيته) وأديته عنه، فدين الله أحق بالقضاء، فحجي عنه، ففي الحديث إثبات القياس الذي هو أحد الأدلة الشرعية عند الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>