- مفعال -: من الوقت المحدد، واستعير هنا للمكان اتساعًا، وأصله مِوْقات، قلبت الواو ياء؛ لوقوعها بعد كسرة ميقات.
والآفاق جمع أفق؛ وهو نواحي الأرض وأرجاؤها؛ والمراد به هنا: ما سوى مواطن حاضري المسجد الحرام من جميع الأرض شرقًا وغربًا جَنوبًا وشمالًا؛ وحاضر المسجد: من كان من الحرم دون مرحلتين.
واعلم: أنه قد لزم شرعًا تقديم الإحرام للآفاقي على وصوله إلى البيت؛ تعظيمًا للبيت وإجلالًا له؛ كما تراه في الشاهد من ترجل الراكب القاصد إلى عظيم من الخلق إذا قرب من ساحته؛ خضوعًا له، فلذا لزم القاصد إلى بيت الله تعالى أن يحرم قبل الحلول بحضرته؛ إجلالًا له، وإن في الإحرام تشبهًا بالأموات، وفي ضمنِ جعلِ نفسه كالميت سلبُ اختياره وإلقاء قياده متخليًا عن نفسه، فارغًا عن اعتبارها شيىًا من الأشياء. انتهى من "الإرشاد على البخاري".
قال الشيخ الدهلوي: والحكمة في شرعية المواقيت أنه لما كان الإتيان إلى مكة شعثًا تفلًا تاركًا لغلواء نفسه مطلوبًا، وكان في تكليف الإنسان أن يحرم من بلده حرج ظاهر؛ فإن منهم من يكون قطره على مسيرة شهر أو شهرين فأكثر .. وجب أن يخص أمكنة معلومة حول مكة يحرمون منها، ولا يؤخرون الإحرام بعدها، ولا بد أن تكون تلك المواضع مشهورة لا تخفى على أحد، وعليها مرور أهل الآفاق، فاسْتَقْرأَ ذلك، وحكمَ بهذه المواضع، واختار لأهل المدينة أَبْعَدَ المواقيت؛ لأنها مهبطُ الوحي، ومَأْرَزُ الإيمان، ودارُ الهجرة، وأولُ قرية آمنت بالله ورسوله، فأهلها أحق بأن يُبالِغُوا في إعلاء كلمة الله، وأن يخصُّوا بزيادة طاعة الله تعالى؛ فهي أقرب الأقطار التي آمنت في زمان