(قال) عبد الله بن عمر: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم) بيده شيئًا (من أركان البيت) الأربعة (إلا الركن الأسود) أي: إلا ركن الحجر الأسود؛ والمراد باستلام الركن: استلام الحجر نفسه؛ وهو الذي جنب الملتزم (و) إلا (الذي يليه) أي: وإلا الركن الذي يلي الركن الأسود (من نحو) أي: من جهة (دور الجمحيين) أي: دور بني جمح؛ والمراد بهما: اليمانيان؛ أحدهما: الركن الأسود، والثاني: الذي يليه من جهة دور بني جمح، وكلاهما من جهة اليمن، ولذلك نسبا إليه.
وقيل: إنما قيل لهما: اليمانيان؛ لِلتَّغْلِيبِ؛ كما في الأبوين والقمرين والعمرين وأمثالها، قال النووي: وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين، واتفق الجماهير على ألا يمسح الركنان الآخران؛ وهما: الشامي والعراقي، وكان معاوية وكذا ابن الزبير يستلم الأركان كلها.
قال الحافظ: وقد تقدم قول ابن عمر: إنما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم استلام الركنين الشاميين؛ لأن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم، وعلى هذا المعني حمل ابن التين تبعًا لابن القصار استلام ابن الزبير لهما؛ لأنه لما عمر الكعبة .. أتم البيت على قواعد إبراهيم عليه السلام؛ فقد أخرج الأزرقي في كتاب "مكة" فقال: إن ابن الزبير لما فرغ من بناء البيت، وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه، ورد الركنين على قواعد إبراهيم .. خرج إلى التنعيم واعتمر، وطاف بالبيت، واستلم الأركان الأربعة كلها، فلم يزل البيت على بناء ابن الزبير؛ إذا طاف الطائف استلم الأركان كلها، حتى قتل ابن الزبير.
وقال القاضي أبو الطيب: أجمعت أئمة الأمصار والفقهاء على أن الشاميين لا