(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج) أي: بالنظر إلى أول أمره؛ أي: قبل إدخال العمرة عليه، واختلف العلماء في أي أوجه الإحرام أفضل: فذهب مالك وأبو ثور إلي أن إفراد الحج أفضل، وهو أحد قولي الشافعي، وقال أبو حنيفة والثوري: القران أفضل، وذهب أحمد وإسحاق والشافعي في القول الآخر وأهل الظاهر إلي أن التمتع أفضل، وسبب اختلافهم في ذلك اختلاف الروايات في إحرام النبي صلى الله عليه وسلم؛ فروَتْ عائشةُ وجابر بن عبد الله وأبو موسى وابن عمر رضي الله تعالى عنهم أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج، وروى أنس وعمران بن حصين والبراء بن عازب وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم أنه قرن الحج والعمرة، وروى ابن عمر أنه تمتع، فلما تعارضت هذه الروايات الصحيحة .. صار كل فريق إلي ما هو الأرجح عنده. انتهى من "الكوكب".
قال النووي: والإفراد: أن يحرم بالحج في أشهره ويفرغ منه، ثم يعتمر، والتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحج من عامه، والقران: أن يحرم بهما جميعًا.
قال الخطابي: لم تختلف الأمة في أن الإفراد والقران والتمتع بالعمرة إلى الحج كلها جائزة، غير أن طوائف العلماء اختلفوا في الأفضل منها: فقال مالك والشافعي: الإفراد أفضل، وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: القران أفضل، وقال أحمد بن حنبل: التمتع بالعمرة إلى الحج هو الأفضل، وكل من هؤلاء الطوائف ذهب إلي حديث، وذكر أبو داوود تلك الأحاديث على اختلافها مجملًا ومفسرًا، وعلى حسب ما وقع له في الرواية.
وسيأتي البيان على شرحها وكشف مواضع الإشكال منها في مواضعها، غير