للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَظَلُّوا بِهِنَّ مُعْرِسِينَ تَحْتَ الْأَرَاكِ،

===

الهدي منهم، وإلا .. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل الفسخ، بل أدخل العمرة على الحج، وكذلك كل من ساق الهدي لم يفعله؛ لأنه لا يحل من إحرامه حتى يبلغ الهدي محله.

قال الأبي: قوله: (قد فعله وأصحابه) إن كان المراد به الفسخ .. فنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من حيث إنه أمر به؛ لأنه لم يفعله، واعتذار عمر عن النهي بقوله: (ولكني كرهت أن يظلوا) ويكونوا في النهار (بهن معرسين) أي: واطئين بالنساء (تحت الأراك) أي: تحت أشجار عرفة، بين تحللهم من العمرة وإحرامهم بالحج؛ معناه: أن يحلوا من حجهم بالفسخ فيطؤوا النساء قبل تمام حجهم الذي كانوا أحرموا به أولًا، ولا يُظَنُّ بمثل عمر رضي الله تعالى عنه الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه أنه منع ما جوزه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرأي والمصلحة؛ فإن ذلك ظن من لا يعرف عمر، ولا فهم استدلاله المذكور في الحديث، وإنما تمسك عمر رضي الله تعالى عنه بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (١).

وظن أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله تعالى عنهم إنما كان لعلة، وقد ارتفعت، ثم إنه أطلق الكراهة وأراد التحريم، وقد فعل ذلك كثير، يطلقون الكراهة وهم يريدون التحريم؛ حذرًا من قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} (٢)؛ لأنه مما أدى إليه اجتهاده، وهذا طريقة كبراء الأئمة؛ كمالك والشافعي. انتهى من "المفهم" بتصرف.


(١) سورة البقرة: (١٩٦).
(٢) سورة النحل: (١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>