ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بلفظه، فثبت الاستحباب من غير تقييد. انتهى من "العون".
وقد دلت الأحاديث الصحيحة على استحباب الاستكثار من الاعتمار، خلافًا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة؛ كالمالكية، وهذا القول لا يصح؛ لعدم الدليل عليه، والصحيح جواز الاستكثار من الاعتمار، وخالف مالكًا مطرف من أصحابه وابن المواز، قال مطرف: لا بأس بالعمرة في السنة مرارًا، وقال ابن المواز: أرجو ألا يكون به بأس، وقد اعتمرت عائشة مرتين في شهر، ولا أدري أن يُمنَعَ أحدٌ من التقرب إلى الله بشيء من الطاعات؛ كالحج والعمرة، ولا من الازدياد من الخير؛ كالصدقة في موضع، ولم يأت بالمنع منه نص صحيحًا كان أو ضعيفًا، وهذا قول الجمهور.
ويكفي في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة من التنعيم سوى عمرتها التي كانت أهلت بها، وذلك في عام واحد، واعتمرت عائشة في سنةٍ مرتين، فقيل للقاسم بن محمد ابن أخيها: أفلا ينكر عليها أحد؟ فقال: أعلى أم المؤمنين ينكر؟ !
وكان أنس بن مالك إذا حَمَّمَ رَأْسَهُ .. خَرَجَ فاعْتَمَرَ، وعن علي أنه كان يعتمر في السنة مرارًا، ذكره ابن القيم، وأطال الكلام فيه. انتهى منه.