للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالصَّبْرُ ضِيَاء، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ،

===

(والصبر) أي: الصبر على العبادات ومشاقها وعلى المصائب، والصبر عن المخالفات والمنهيات؛ كاتباع هوى النفس، والشهوات، وغير ذلك. . (ضياء) أي: مُضيء لصاحبه في عواقب أحواله، فمن كان صابرًا في تلك الأحوال، متثبتًا فيها، مقابلًا لكل حال بما يليق به. . ضاءت له عواقب أحواله، ووضحت له مصالح أعماله، فظفر بمطلوبه، وحصل له من الثواب على مرغوبه، كما قيل:

فَقَلَّ مَن جَدَّ في أمرٍ تَطَلَّبَهُ ... واستعملَ الصَّبرَ إلا فازَ بالظَّفَرِ

انتهى من "الكوكب الوهاج".

قال النووي: يعني: أن الصبر المحبوب في الشرع. . ضياء؛ وهو الصبر على طاعة الله تعالى، والصبر عن معصيته، والصبر أيضًا على النائبات وأنواع المكاره في الدنيا؛ يعني: أن الصبر محمود لا يزال صاحبه مستضيئًا مهتديًا مستمرًا على الصواب، قال إبراهيم الخواص: الصبر: هو الثبات على الكتاب والسنة، وقال ابن عطاء: الصبر: الوقوف مع البلاء بحسن الأدب، وقال أبو علي الدقاق: حقيقة الصبر: ألا يعترض على المقدور، فأما إظهار البلاء لا على وجه الشكوى. . فلا ينافي الصبر، قال الله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (١) مع أنه قال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} (٢) والله أعلم. انتهى.

(والقرآن حجة) أي: شاهد (لك) بالإيمان إن صدقته، وعملت بما فيه، (أو) شاهد (عليك) إن خالفته، ولم تعمل بما فيه، قال القرطبي: يعني أنك


(١) سورة ص: (٤٤).
(٢) سورة الأنبياء: (٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>