(وأرسل) أي: بعث (بها) إلى البيت؛ كما في "مسلم" أي: إلى الكعبة وأقام بنفسه المدينة؛ كما في "مسلم"(ولم يجتنب) أي: لم يبتعد بعدما أرسلها عن (ما يجتنب) منه (المحرم) من استعمال الطيب والمخيط ومباشرة النساء.
قال النووي: فيه دليل على استحباب بعث الهدي إلى الحرم، وأن من لم يذهب إليه .. يستحب له بعثه مع غيره.
وفيه: أن من يبعث هديه .. لا يصير محرمًا، ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم، وهو مذهب كافة العلماء إلا رواية حكيت عن ابن عباس وابن عمر وعطاء وسعيد بن جبير أنه إذا فعل ذلك .. اجتنب ما يجتنبه المحرم، ولا يصير محرمًا بغير نية الإحرام، والصحيح ما قاله الجمهور؛ لهذه الأحاديث الصحيحة.
وسبب هذا القول من عائشة: أنه بلغها فتيا بعض الصحابة فيمن بعث هديًا إلى مكة أنه يحرم عليه ما يحرم على الحاج؛ من لبس المخيط وغيره حتى ينحر هديه بمكة، فقالت ذلك ردًّا عليه. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه، واستحباب تقليده ... إلى آخره، وأبو داوود في كتاب الحج، باب من بعث بهديه وأقام، والنسائي في كتاب المناسك، باب إشعار الهدي.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.