بالخروج (منك) بأمر من الله تعالى .. (ما خرجت) منك أبدًا؛ لأنك أشرف بقاع الأرض وأكرمها عند الله تعالى؛ حيث جعلك حرمًا آمنًا ومشاعر النسك.
وفي الحديث دلالة على أنه لا ينبغي للمؤمن أن يخرج من مكة، إلا أن يُخرج منها حسًا أو حكمًا؛ وهو الضرورة الدينية أو الدنيوية.
وأما خبر الطبراني:(المدينة خير من مكة) .. فضعيف، بل هو منكر واهٍ؛ كما قاله الذهبي، وعلى تقدير صحته يكون محمولًا على زمانه صلى الله عليه وسلم؛ لكثرةِ الفوائد في حضرته، وملازمةِ خدمته؛ لأن شرف المدينة ليس بذاتها، بل بوجوده صلى الله عليه وسلم فيها ونزوله فيها مع بركاته.
وأيضًا نفس المدينة ليس أفضل من مكة اتفاقًا؛ إذ لا تضاعف فيه أصلًا، بل المضاعفة في المسجدين بالنسبة إلى الصلاة؛ ففي الحديث الصحيح الذي قال الحفاظ على شرط الشيخين: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد، إلا المسجد الحرام، صلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمئة ألف صلاة".
وصح عن ابن عمر موقوفًا، وهو في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال مثله بالرأي:(صلاة واحدة بالمسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم). انتهى، انتهى من "التحفة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب في فضل مكة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح، والنسائي في كتاب المناسك، باب فضل مكة، والحاكم في "المستدرك"، وأحمد في "المسند"، والطبري في "تفسيره".