وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع) وقدر (منكم) أيها المسلمون (أن يموت بالمدينة) أي: أراد أن يموت بها .. (فليفعل) أسباب الموت بها؛ من ملازمتها إلى أن يأخذه فيها الموت؛ والمعنى: فَلْيُقِمْ بها حتى يموت فيها، فهو حث على لزوم الإقامة بها، وألا يخرج منها حتى يدركه الموت ثَمَّتَ (فإني أشهد) يوم القيامة بالإيمان (لمن مات بها) أي: بالمدينة إن كان من أهل زماني، وأشفع له إن لم يكن من أهل زماني، وفي رواية الترمذي:(فإني أشفع لمن يموت بها) أي: أخصه بشفاعتي الخاصة، غير العامة؛ زيادةً في إكرامه.
قال الطيبي: أمر له بالموت بها، وليس ذلك من استطاعته، بل هو إلى الله تعالى، لكنه أمر بلزومها، والإقامة بها؛ بحيث لا يفارقها، فيكون ذلك سببًا لأن يموت فيها، فأطلق المسبب؛ وهو الموت، وأراد السبب؛ وهو الإقامة بها؛ كقوله تعالى:{وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(١). انتهى من "تحفة الأحوذي".
قال السندي: قوله: "من استطاع أن يموت بالمدينة" أي: بألا يخرج منها إلى أن يموت إن أراد الموت في جواره صلى الله عليه وسلم، وإنه بذلك حقيق بالإكرام، والله تعالى أعلم.