للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ .. فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا".

===

(وأراد أحدكم) أيها المحلون (أن يضحي) في أيامه .. (فلا يمس) أي: فلا يزيلن ذلك الأحد الذي أراد التضحية فيه (من شعره) بفتح العين وتسكن (ولا بشره) - بفتحتين - أي: ولا من ظفره (شيئًا) قليلًا ولا كثيرًا؛ والمراد بالبشر: الظفر؛ بدليل المقابلة بالشعر؛ لأنهما نظيران في حرمة إزالتهما في النسك.

قال التوربشتي: ذهب بعضهم إلى أن النهي ها هنا؛ للتشبه بحجاج بيت الله الحرام المحرمين في بعض محظورات الإحرام، لا في كلها؛ كالنساء.

والأولى أن يقال في التوجيه: المضحي يرى نفسه مستوجبة للعقاب؛ وهو القتل، ولم يؤذن له فيه، ففداها بالأضحية، وصار كل جزء منها فداء كل جزء من أجزائه، فلذلك نهي من مس الشعر والبشر؛ لئلا يفقد من ذلك قسط ما عند تنزل الرحمة وفيضان النور الإلهي؛ ليتم له الفضائل ويتنزه عن النقائص. انتهى "مرقاة".

قال الإمام النووي: قال أصحابنا: المراد بالنهي عن أخذ الشعر والظفر: النهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذه بنورة أو غير ذلك، وسواء شعر الإبط والشارب والعانة والرأس وغير ذلك من شعور بدنه، قال أصحابنا: والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء؛ ليعتق من النار. انتهى.

قوله: "وأراد أن يضحي" يعني: ليجتنب المضحي عن إزالة شعره وأظفاره بوجه من الوجوه؛ كالمحرم، وإزالتهما حرام عند أحمد، ومكروه كراهة تنزيه عند الشافعي، وغير مكروه عند أبي حنيفة ومالك؛ لما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يجتنب مما يجتنبه المحرم حين أهدى هديه إلى الحرم، قال الطحاوي: وحديثها جاء متواترًا، ثم قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>