سوار في رواية هذا الحديث عن شعبة، وقد سبق قريبًا بيان حكمة أمرهم بقتل الكلاب.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر) الناس (بقتل الكلاب) عامة، أمرهم بقتل جميع الكلاب طرًا؛ أي: غير مقيد بالاستثناء، وروي الأمر بقتلهن مقيدًا بالاستثناء؛ كرواية عمرو بن دينار عن ابن عمر:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب غنم أو ماشية) فيجب على هذا رد مطلق إحدى الروايتين على مقيدهما؛ فإن القضية واحدة، والراوي لهما واحد، وما كان كذلك .. وجب ذلك بالإجماع، وهذا واضح في حديث ابن عمر، وعليه: فكلب الصيد والماشية لم يتناولهما قط عموم الأمر بقتل الكلاب؛ لاقتران استثنائهما من ذلك العموم، وإلى الأخذ بهذا الحديث ذهب مالك وأصحابه وكثير من العلماء، فقالوا بقتل الكلاب إلا ما استثني منها، ولم يروا الأمر بقتل ما عدا المستثنى منسوخًا، بل محكمًا. انتهى من "المفهم".
قال أبو عمر: والذي نختاره ألا يقتل منها شيء إذا لم يضر؛ لنهيه عن أن يتخذ شيء فيه روح غرضًا، ولحديث الذي سقى الكلب، ولقوله:"في كل كبد حرى أجر"، وترك قتلها في كل الأمصار، وفيها العلماء ومن لا يسامح في شيء من المنكر والمعاصي الظاهرة. انتهى "عمدة القاري"(٧/ ٣٠٥).
(ثم) بعدما أمرهم بقتلها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما لهم وللكلاب) أي: أي غرض لهم في قتل الكلاب؟ فليتركوا قتلها الآن (ثم) بعدما قال هذا الكلام (رخص لهم) أي: للناس (في) اتخاذ (كلب الزرع و) اتخاذ (كلب العين) أي: في اتخاذ الكلب الذي يحرس البستان والمزرعة.