لهم، وقصده إياهم، وقيل: إن ذلك عقوبةٌ له؛ لاتخاذه ما نهي عن اتخاذه، وعصيانه في ذلك، وقيل: لما يبتلى به من ولوغه في غفلة صاحبه، ولا يغسله بالماء والتراب، كذا في "شرح النووي".
ثم الظاهر من هذه الأحاديث عدم جواز اقتناء الكلب إلا لحاجات استثناها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر ابن عبد البر أن هذه الأحاديث تدل على كراهة ذلك ولا تدل على التحريم؛ لأنها لا تذكر إلا نقصان الأجر، والمحرم لا بد فيه من إثم.
ولكن رد عليه الحافظ في المزارعة من "الفتح"(٥/ ٥) بأن نقصان الأجر نوع من الإثم، أو المراد بنقصان الأجر في الحديث: أن الإثم الحاصل باتخاذه يوازي قدر قيراط أو قيراطين من أجره، ومما يؤيد قول الحافظ الأحاديث التي ذكر فيها أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة أو كلب، والظاهر أن امتناع الملائكة لا يكون إلا بما فيه إثم.
وأما الحكمة في النهي عن اتخاذه واقتنائه .. فإنه يشبه الشيطان بجبلته؛ لأن ديدنه لعب وغضب، واطراح في النجاسات، وإيذاء الناس، ويقبل الإلهام من الشياطين، فرأى منهم صدودًا وتهاونًا، ولم يكن سبيل إلى النهي عنه بالكلية؛ لضرورة الزرع والماشية والحراسة والصيد، فعالج ذلك باشتراط أتم الطهارة. انتهى من "التكملة".
واختلاف العدد في القيراط محمول على اختلاف نوع الكلب أو على أنه أخبر أولًا بالعدد الأول ثم بالأكثر؛ تغليظًا عليهم؛ كما مر مع زيادة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وأبو داوود في كتاب الصيد، باب من اتخذ الكلب للصيد