للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي حديث جابر هذا: (أن طعام الاثنين يكفي الأربعة) وفي حديث أبي هريرة المذكور في "مسلم": (أن طعام الاثنين يكفي الثلاثة) فمرجع الأول؛ أعني: حديث جابر (النصف)، ومرجع الثاني؛ أعني: حديث أبي هريرة (الثلث).

وبينهما معارضة، ويجمع بينهما بأن معنى الحديثين: مطلق الطعام القليل يكفي الكثير، لكن أقصاه الضعف، وكونه يكفي مثله لا ينافي أن يكفي دونه، وقد وقع في حديث عمر بن الخطاب الآتي لابن ماجه في هذا الباب بعد حديث جابر بلفظ: (إن طعام الواحد يكفي الاثنين، وإن طعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة، وإن طعام الأربعة يكفي الخمسة والستة).

قال المهلب: المراد بهذه الأحاديث: الحض على مكارم الأخلاق، والتقنع بالكفاية، وليس المراد: الحصر في مقدار الكفاية، وإنما المراد: المواساة، وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما، وإدخال رابع أيضًا بحسب من يحضر.

وفي الحديث الإشارة إلى أن المواساة إذا حصلت .. حصلت البركة معها، فتعم الحاضرين.

وفيه أنه لا ينبغي للمرء أن يستحقر ما عنده، فيمتنع من تقديمه؛ فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء، وقد وقع في حديث لابن عمر عند الطبراني ما قد يرشد إلى العلة في حكم حديث الباب، وأوله: (كلوا جميعًا ولا تفرقوا؛ فإن طعام الواحد يكفي الاثنين).

قال السندي: وفي الحديث حث على الاكتفاء بقليل الطعام، وعلى إيثار الإخوان بالطعام، وعلى أنه من قنع بقليل .. كفاه الله تعالى. انتهى منه.

فيوخذ منه أن الكفاية تنشأ عن بركة الاجتماع. انتهى من كلام الحافظ في "الفتح" (٩/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>