منه .. (قال) عقبه: (الحمد لله الذي أطعمنا) هذا الطعام اللذيذ، قدم الإطعام على ما بعده؛ لزيادة الاهتمام به على مقتضى الحال؛ لأن الطعام أهم من الشراب، ولما كان الطعام لا يخلو عن شرب في أثنائه أو بعده .. ذكر السقيا، فقال:(وسقانا) الشراب تبعًا للإطعام، وضم إليه قوله:"وجعلنا مسلمين" للجمع بين الحمد على النعمة الدنيوية والأخروية. انتهى "سندي".
وفائدة الحمد بعد الطعام أداء شكر المنعم وطلب زيادة النعمة؛ لقوله تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}(١).
وفيه استحباب تجديد حمد الله عند تجدد النعمة؛ من حصول ما كان الإنسان يتوقع حصوله، أو اندفاع ما كان يخاف وقوعه.
ثم لما كان الباعث هنا هو الطعام .. ذكره أولًا؛ لزيادة الاهتمام به، وكان السقي من تتمته؛ لكونه مقارنًا له في التحقيق غالبًا، ثم استطرد من ذكر النعمة الظاهرة إلى ذكر النعم الباطنة، فذكر ما هو أشرفها وختم به؛ لأن المدار على حسن الخاتمة، مع ما فيه من الإشارة إلى كمال الانقياد في الأكل والشرب وغيرهما قدرًا ووصفًا ووقتًا، احتياجًا واستغناءً، بحسب ما قدره وقضاه، كذا قال القاري في "المرقاة". انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأطعمة، باب ما يقول الرجل إذا طعم، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا فرغ من الطعام، والنسائي في كتاب "عمل اليوم والليلة"، باب ما يقول إذا شرب اللبن،