قلت: والتحقيق في ذلك: أن المائدة هي ما يبسط للطعام؛ لأنها من ماد يميد إذا تحرك أو أطعم، سواء كان من ثوب أو جلد أو حصير أو خشب أو غير ذلك، فالمائدة عام، لها أنواع؛ منها: السفرة، ومنها: الخوان، وغيره.
فالخوان - بضم الخاء المعجمة - يكون من خشب، وتكون تحته قوائم من كل جانب، والأكل عليه من دأب المترفين؛ لئلا يفتقروا إلى التطأطؤ والانحناء، فالذي نفي بحديث أنس هو الخوان، والذي أثبت هو نحو السفرة وغيره. انتهى من "العون".
(قال: الحمد لله حمدًا كثيرًا) مفعول مطلق للحمد؛ إما باعتبار ذاته، أو باعتبار تضمنه معنى الفعل، أو منصوب بفعل مقدر (طيبًا) أي: خالصًا من الرياء والسمعة (مباركًا) - بفتح الراء - هو وما قبله صفات لحمدًا.
والضمير في قوله:(فيه) راجع إلى الحمد؛ أي: حمدًا ذا بركة دائمًا لا ينقطع؛ لأن نعمه تعالى لا تنقطع عنا، فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضًا ولو نيةً واعتقادًا (غير مكفي) بنصب غير ورفعه، ومكفي - بفتح الميم وسكون الكاف وتشديد التحتية - من كفأت؛ أي: غير مردود ولا مقلوب.
والضمير في (به) راجع إلى الطعام الدال عليه السياق، أو هو من الكفاية، فيكون من المعتل؛ يعني: أنه تعالى هو المطعم لعباده والكافي لهم؛ فالضمير راجع إلى الله تعالى.
وقال العيني: هو من الكفاية، وهو اسم مفعول، أصله مكفوي على وزن مفعول، فلما اجتمعت الواو والياء .. قلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، ثم أبدلت ضمة الفاء كسرةً؛ لأجل الياء.