قطفوا وجذوا أول ثمر يبدو ويبتكر في أول السنة .. جاؤوا به؛ أي: بذلك الثمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسمى الثمر بالباكورة.
قال العلماء: كانوا يفعلون ذلك؛ رغبة في دعائه صلى الله عليه وسلم في الثمر والمدينة والصاع، وإعلامًا له صلى الله عليه وسلم بابتداءِ صَلَاحِها؛ لما يتعلق بها من الزكاة وغيرها، وتوجيه الخارصين، قال الأبي: وقيل: إنما كانوا يؤثرونه به على أنفسهم حبًّا له، ويرونه أولى الناس بما يسبق إليهم من خير ربهم. انتهى "فتح الملهم".
وذكر جواب إذا بقوله:(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم، بارك لنا) أي: أنزل البركة لنا (في مدينتنا) وبلدتنا هذه (وفي ثمارنا) هذه التي جاءت لنا في هذه السنة (وفي مدنا وفي صاعنا).
وقوله:(بركة مع بركة) مفعول مطلق لبارك؛ أي: بارك لنا في هذه المذكورات بركةً مصحوبة ببركة أخرى؛ يعني: بركةً تكون ضعفي ما أنزلت في مكة من البركة الحاصلة بدعوة إبراهيم عليه السلام، وقد أجاب الله تعالى دعوته صلى الله عليه وسلم، وضاعف خير المدينة على خير مكة في زمن الخلفاء الراشدين؛ بأن جلب إليها من مشارق الأرض ومغاربها كنوز كسرى وقيصر وخاقان ما لا يحصى كثرة، وفي آخر الزمن يأرز الدين إليها من أقصى الأرض وشاسع البلاد.
(ثم) بعدما فرغ من دعائه (يناوله) أي: يناول ذلك الثمر ويعطيه (أصغر من) كان (بحضرته) ومجلسه (من الولدان).
قال القاضي عياض: فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الرفق بالصغير والكبير، وتخصيصها الصغار بالدفع إليهم أولًا؛ إذ هم أولى؛ لشدة حرصهم