للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ؛ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ".

===

إني أعوذ بك من الجوع) أي: من الألم الذي ينال الحيوان من خلو المعدة عن الغذاء، يؤدي تارةً إلى المرض، وتارةً إلى الموت.

(فإنه) أي: فإن الجوع (بئس الضجيع) أي: المضاجع، فهو فعيل بمعنى المفاعل؛ وهو ما يلازم صاحبه في المضجع، كذا في "المرقاة وقال السندي: والضجيع - بفتح فكسر -: من ينام في فراشك؛ أي: بئس الصاحب الجوع الذي يمنعك من وظائف العبادات؛ كالسجود والركوع.

وقال الطيبي رحمه الله تعالى: الجوع يضعف القوى، ويشوش الدماغ، فيثير أفكارًا رديئةً، وخيالاتٍ فاسدةً، فيخل بوظائف العبادات والمراقبات، ولذلك خص بالضجيع الذي يلازمه ليلًا، ومن ثم حرم الوصال، وقد يستدل بهذا الحديث لما قيل من أن الجوع المجرد لا ثواب فيه.

(وأعوذ بك من الخيانة) وهي ضد الأمانة، قال الطيبي: هي مخالفة الحق بنقض العهد في السر، والأظهر أنها شاملة لجميع التكاليف الشرعية؛ كما يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ. . .} الآية (١)، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} (٢) شامل لجميعها.

(فإنها بئست البطانة) أي: الخصلة الباطنة هي ضد الظاهرة، وأصلها: في الثوب، فاستعير لما يستبطنه الإنسان من أمره، ويجعله بطانة حاله، قال في "المغرب": بطانة الشيء: أهله وخاصته؛ مستعارة من بطانة الثوب، قاله في "المرقاة".


(١) سورة الأحزاب: (٧٢).
(٢) سورة الأنفال: (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>