للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (١)، وبالأحاديث التي تدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة.

قال الشوكاني في "إرشاد السائل إلى أدلة المسائل" - بعدما أثبت أن كُلَّ ما في الأرض حلال إلا بدليل - ما لفظه: إذا تقرر هذا .. علمت أن هذه الشجرة التي سماها بعض الناس التنباك، وبعضهم التوتون .. لم يأت فيها دليل يدل على تحريمها، وليست من جنس المسكرات، ولا من السموم، ولا من جنس ما يضر آجلًا أو عاجلًا؛ فمن زعم أنها حرام .. فعليه الدليل، ولا يفيد مجرد القال والقيل. انتهى.

قلت: لا شك في أن الأصل في الأشياء الإباحة، لكن بشرط عدم الإضرار، وأما إذا ما كانت مضرة في الآجل أو العاجل .. فكَلَّا ثُمَّ كَلَّا، وقد أشار إلى ذلك الشوكاني رحمه الله تعالى بقوله: (ولا من جنس ما يضر آجلًا أو عاجلًا)، وأكل التنباك وشرب دخانه مضر بلا مرية، وإضراره عاجلًا ظاهر غير خفي، وإن كان لأحد فيه شك .. فليأكل منه وزن ربع درهم أو سدسه، ثم لينظر كيف يدور رأسه، وتختل حواسه، وتتقلب نفسه؛ بحيث لا يقدر أن يفعل شيئًا من أمور الدنيا أو الدين، بل لا يستطيع أن يقوم أو يمشي، وما هذا شأنه .. فهو مضر بلا شك.

فقول الشوكاني: (ولا من جنس ما يضر آجلًا أو عاجلًا) .. ليس بصحيح، وإذا عرفت هذا .. فقد ظهر لك أن إضراره عاجلًا هو الدليل على عدم إباحة أكله وشرب دخانه، هذا ما عندي، والله تعالى أعلم. انتهى من "تحفة الأحوذي".


(١) سورة البقرة: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>