وفي هذه الأحاديث المذكورة في هذا الباب التصريح بنسخ النهي عن الانتباذ في الأوعية الكثيفة المذكورة في الباب الآتي؛ كالدباء والحنتم والنقير والمزفت وغيرها؛ لأن تور الحجارة أكثف من تلك الأواني الآتية، وأولى بالنهي عنها، فلما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم انتبذ فيه .. دل على نسخ النهي عن الانتباذ في تلك الأوعية.
ويستنبط من هذه الأحاديمث أن مدار النهي الإسكار، سواء كان النبيذ منفردًا أو مخلوطًا، وما لم يسكر كيف ما كان .. لم يكن منهيًا عنه، ولا اعتبار بذوات الظروف ولا بالخلط، وهو ظاهر، فكيف يعترض على أبي حنيفة وغيره من المجوزين بشرط الخليط إذا لم يسكر؟ ! وهذا الاعتراض لم ينشأ إلا من التعصب المذهبي، والله أعلم. انتهى من "الدهني في هوامش مسلم"، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الأشربة، باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان أنه منسوخ وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرًا، وأبو داوود في كتاب الأشربة، باب في الأوعية، والنسائي في كتاب الأشربة، باب الإذن في الانتباذ.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.