(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا لكم مثل الوالد لولده) أي: إنما أنا ناصح لكم كنصيحة الوالد لولده، ومشفق عليكم كإشفاق الوالدة على ولدها؛ أنا (أُعلِّمكم) مصالحكم في دينكم ودنياكم، فاستمعوا لي واقبلوا مني، وأنا أقول لكم في تعليمكم:(إذا أتيتم الغائط) أي: موضع قضاء الحاجة، والغائط في الأصل: الموضع المنخفض الذي تقضى فيه الحاجة، والمراد هنا: ما هو أعم من ذلك.
قال السندي: قوله: (إنما أنا لكم مثل الوالد لولده) أي: أنا أذكر لكم كل ما يحتاج إليه، ولا أبالي بما يستحيا بذكره؛ وهذا تمهيد لما يبين لهم من آداب الخلاء؛ إذ الإنسان كثيرًا ما يستحيي من ذكره سيما في مجلس الطعام.
قوله:(إذا أتيتم الغائط) هو في الأصل: اسم للمكان المطمئن في الفضاء، ثم اشتهر في نفس الخارج من الإنسان، والمراد ها هنا هو الأول؛ إذ لا يحسن استعمال الإتيان في المعنى الثاني، وأيضًا لا يحسن النهي عن الاستقبال والاستدبار إلا قبل المباشرة بإخراج الخارج؛ وذلك عند المكان لا عند المباشرة بإخراج ذلك، فليتأمل. انتهى منه.
أي: أعلمكم وأقول لكم في التعليم: إذا جئتم المكان الذي تريدون قضاء حاجة الإنسان فيه .. (فلا تستقبلوا القبلة) أي: لا تواجهوا بأوجهكم جهة القبلة؛ إكرامًا لها، (ولا تستدبروها) أي: لا تواجهوا بظهوركم إليها.