قال الخطابي:(الدواء الخبيث) قد يكون خبثه من وجهين؛ أحدهما: خبث النجاسة؛ وهو أن يدخله المحرم؛ كالخمر ونحوها من لحوم الحيوان غير المأكولة اللحم، وقد يصف بعض الأطباء الأبوال وعذرة بعض الحيوان لبعض العلل، وهي كلها خبيثة نجسة، وتناولها محرم إلَّا ما خصته السنة من أبوال الإبل، وقد رخص فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفر عرينة وعكل، وقاعدة السنن؛ أن يُقَرَّ كلّ شيء منها في محله، وألا يضرب بعضها ببعض، وقد يكون خبث الدواء أيضًا من جهة الطعم والمذاق، ولا ينكر أن يكون ذلك؛ لما فيه من المشقة على الطباع، ولكره النفس إياه، والغالب أن طعوم الأدوية كريهة، ولكن بعضها أيسر احتمالا وأقل كراهة. انتهى، انتهى من "العون".
قوله:(يعني السم) هذا تفسير الخبيث من أبي هريرة أو ممن دونه، قال الحافظ في "الفتح": وحمل الحديث على ما ورد في بعض طرقه أولى، وقد ورد في آخر الحديث متصلًا به؛ يعني: السم. انتهى.
قال الماوردي وغيره: السموم على أربعة أضرب؛ منها: ما يقتل كثيره وقليله؛ فأكله حرام للتداوي ولغيره؛ لقوله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}(١)، ومنها: ما يقتل كثيره دون قليله، فأكل كثيره الذي يقتل حرام للتداوي وغيره، والقليل منه إن كان مما ينفع في التداوي .. جاز أكله تداويًا، ومنها: ما يقتل في الأغلب، وقد يجوز إلَّا يقتل، فحكمه كما قبله، ومنها: ما لا يقتل في الأغلب، وقد يجوز أن يقتل، فذكر الشافعي في موضعٍ إباحة أكله، وفي موضعٍ تحريم أكله، فجعله بعض أصحابه على حالين؛ فحيث أباح أكله .. فهو إذا