ينبغي حمل (شرب) على معنى: (دخل جوفه وباطنه) فإنه قد يخلط بالماء فيشرب، وقد يخلط بالطعام فيؤكل.
(فقتل نفسه .. فهو) أي: فذلك الشارب في الدنيا (يتحساه) أي: يتحسى ذلك السم ويشربه ويتجرعه في الآخرة (في نار جهنم) وجهنم: اسم لطبقة من نار الآخرة غير منصرف؛ إما للعجمة والعلمية، وإما للتأنيث والعلمية، حالة كونه (خالدًا) أي: ماكثًا فيها مكثًا طويلًا، وحالة كونه (مخلدًا فيها أبدًا) أي: في نار جهنم؛ أي: مؤبدًا فيها لا خروج له منها ولا موت، هذا في حق المستحل بشربه، أو المراد: المكث الطويل فيها؛ لأن المؤمن لا يبقى في النار خالدًا مؤبدًا، قاله العيني. انتهى من "العون".
قلت: هكذا روي هذا الحديث عن الأعمش بزيادة (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا)، وهكذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بغير ذكر (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا)، ورواية أبي الزناد هكذا وصلها البخاري في "صحيحه" بغير ذكر هذه الزيادة، وهذا؛ أي: حديث أبي هريرة الذي لَمْ يذكر فيه زيادة: (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا) أصح؛ أي: من حديثه الذي ذكرت فيها هذه الزيادة؛ أعني: زيادة: (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا) لأن الروايات إنما جاءت بأن أهل التوحيد يعذبون في النار، ثم يخرجون منها، ولم تذكر أنهم مخلدون فيها، فهذه الزيادة وهم من الأعمش؛ لأنَّها تخالف الروايات التي جاءت بأن أهل التوحيد يعذبون في النار ثم يخرجون منها.
قلت: هذه الزيادة زادها الأعمش، وهو ثقةٌ حافظ، وزيادة الثقة مقبولة، فتأويل هذه - كما مر آنفًا - أولى من توهيمها. انتهى "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري: في كتاب الطب، باب