قال القرطبي: قوله: "اقتلوا الحيات" هذا الأمر وما في معناه من باب الإرشاد إلى دفع المضرة المخوفة من الحيات، فما كان منها متحقق الضرر. . وجبت المبادرة إلى قتله، كما قد أرشد إليه قوله:"اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر؛ فإنهما يختطفان البصر، ويسقطان الحبل".
فخصهما بالذكر مع أنهما قد دخلا في العموم، ونبه على أن ذلك بسبب عظيم ضررهما، وما لم يتحقق ضرره؛ فما كان منها في غير البيوت. . قتل أيضًا؛ لظاهر الأمر العام في هذا الحديث، وفي حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه رواه مسلم في "صحيحه" برقم (٢٢٣٤)، ولأن نوع الحيات غالبه الضرر، فيستصحب فيه ذلك، ولأنه كله مروع بصورته، وبما في النفوس من النفرة منه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحب الشجاعة، ولو على قتل حية" ذكره ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"(ص ٤٤).
فشجع على قتلها، وقال فيما أخرجه أبو داوود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه مرفوعًا:"اقتلوا الحيات، فمن خاف ثأرهن. . فليس مني" رواه أبو داوود رقم (٥٢٤٩).
وأما ما كان منها في البيوت؛ فما كان في المدينة. . فلا يقتل حتى يؤذن ثلاثة أيام، وصفة الإنذار هكذا:(أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان بن داوود ألا تؤذونا، ولا تظهرن لنا). انتهى "نووي".
لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن بالمدينة جنًا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا. . فآذنوه ثلاثة أيام"، وهل يختص ذلك الحكم بالمدينة، لأنا لا نعلم هل أسلم من جن غير أهل المدينة أحد أم لا؟ وبه قال ابن نافع،