ملكه وملك أبيه، فأجابهم: إن كنت أنا السلطان فلا يأتمر علي أحد، الشام لي ومصر لي، أيهما شئت أقمت به، وقد أقمت نائباً لقضاء حوائج الرعية. فلم يعجبهم هذا الجواب واضطربت آراؤهم ثم اتفقوا على خلعه، فخلعوه في ربيع الأول وعقدوا الملك لأخيه الملك المظفر عماد الدين إسماعيل وهو ابن نحو من سبع عشرة سنة، وكانت دولة الناصر أحمد نحو خمسة أشهر وأياماً. وتوجه أمراء دمشق بالمجانيق لحصار الكرك.
وولي نيابة دمشق الأمير علاء الدين أيدغمش الناصري فأقام نحو ثلاثة أشهر، ومات فجأة في رابع جمادى الآخرة وولى بعده نيابة دمشق الأمير سيف الدين طقزتمر الناصري فدخلها في نصف رجب.
وفيها ولد لرجل من أهل الجبل ولد برأسين وأربع أيد، فحكى لي شيخنا عماد الدين بن كثير قال: ذهبت إليه ونظرت إليه، فإذا هما ولدان قد اشتبكت أفخاذهما بعضها في بعض، وركب كل واحد منهما ودخل في الآخر والتحمت فصارت جثة واحدة وهما ميتان.
ومات مسند الشام المقرىء الصالح العابد أبو العباس أحمد بن علي بن حسن بن داوود الجزري ثم الصالحي الحنبلي عن ثلاث وتسعين سنة وسبعة أشهر، حضر على ابني عبد الهادي، واليلداني، والبكري، وخطيب مردا، وإبراهيم بن خليل، وابن عبد الدايم، وغيرهم، وأجاز له ابن الزعبي، والصرصري، وفضل الله الجيلي، وعبد القادر القزويني، وخلق. خرجت له من عواليه، وتوفي في خامس شعبان، وسمعت شيخنا الحافظ تقي الدين السبكي يقول: لم أر أجلد منه على التلاوة والصلاة.
ومات ببعلبك مسندها وخطيبها المعمر محيي الدين محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن عقيل السلمي الشافعي، نزيل بلد بعلبك وشيخ الكتابة، ولد سنة ثمان وخمسين وستمائة، وسمع من ابن عبد الدايم، والقاسم الإربلي، والرشيد العامري، وابن هامل وطائفة. استوعبهم شمس الدين بن سعد